الاثنين، 31 ديسمبر 2012

رحيل السنة





شعر :  سناء بلحور*



1 ـ 


ثمة سنة تعبر كالسحاب
وأخرى تطول كالألم
لتأكل من موائد العمر .



2 ـ 


ثمة سنة تجر وراءها
جيوشا من المحاربين
وبزوالهم ...
تظل خالدة في الذاكرة .



3 ـ 


سترحل السنة
تاركة شوك الألم
مبعثرا على ممشى الذاكرة .



4 ـ 


مرة واحدة...
ترقص السنة 

في منتصف الليل
رقصتها الأخيرة .



5 ـ 


ماذا تبقىّ لنا من عامنا؟
دخان بنادق
عويل نساء
وجثت تحلم بالحب .



6 ـ 


أطفال الحرب
يُطلون من شبابيك مهشمة
قبل أن يغلقها رحيل السنة .



7 ـ 


لن أسميك سنة !
ولن تكوني أنثى !
كي لايعشقك الحزن
ويشتهيك الموت .



8 ـ 


سآخذ منك كل صوري هاته الليلة.
أقبِّل الجرح على جبينه
وأمضي في اللاشيء
لاطريق بعد رحيلها
الأرض غادرت نفسها
لتغرق في ضباب الكون .



9 ـ 


عام يمشي فوق عام
ومازالت الحرب 
تشرب نخب الموت .



10 ـ


جَرّبْ أن تقف على حافة السنة !
ستسقط لا محالة 
في حفرة عميقة من الجثت
وتلتهم قلبك نار الحسرة .



_________________________________________________________________

* شاعرة وقاصة مغربية تقيم ببلجيكا

السبت، 8 ديسمبر 2012

ديوان الحرب





شعر : عبدالله المتقي*





الحرب تسلي الآلهة
تمنح الأوسمة
و لا تعنيها الحياة


هكذا الحرب :
الموت لا يشبع
وصفارات الإنذار لا تنتهي


الحرب تزرع الألغام
وتواصل خللها بنهم


هكذا الحرب :
خطب نارية
حاكم جبان
وجثت في أي شارع


الحرب لا تقرأ قصائد
صديقي عبد الرحيم الخصار
و لا تطير مع الفلاسفة


هكذا الحرب :
توابيت ... حفار قبور..
ومراثي بطعم الألم ..


كل هذه الحروب 
من أجل أن يعود هذا الحشد 
من الآلهة ؟؟




--------------------------------------------------------------------
شاعر و قاص من المغرب


خريف






شعر :   سناء بلحور*







-1 -


كم هو بارع
في الحفر هذا
المعول الخريفي !



- 2 -


كل تلك الانتكاسات
تحفر خناديق
بين الخطوة والأرض.



- 3 -


ها خطواتي تتعثر
في فراغ روحك
أو ريحك.



- 4 -


كلما أهداني الليل وردة
لثم وجهي بشوكها
وغاب.



- 5 -


مثخن بالجراح هذا القلب
فزده جراحا على جراح
لتهدئ من روعك.



- 6 -


يا لقلبي السجين
في أقفاص من حروف
تعشق الحرية



- 7 -


هذا المسافر………
يسكر من وهج التسكع
ويبكي حين يمر قبالة محطة.



- 8 -


أعطني ليلا ونجوما
أعطيك قصيدا
وحرية.



- 9 -


أعطني صبحا وشمسا
أعطيك زهرا
وأغنية.



- 11 -


ها ليلك
عاد لي مرصعا
بنجوم ثملة !



- 12 -


يا لوجهك الجارح
يقطع عمر الأغنيات
ويسافر في البحر !



- 13 -


من تلك الوجوه
تلفح رياح الغدر.
ــ كم روائحهم منتنة ــ!



- 14 -


ذات صيف
كنتُ… وكنت أنت
وجه القمر.



- 15 -


فرحي ليس كبيرا
...... ليس صغيرا
لم يكن موجودا أصلا.



- 16-


قل لذاك الجالس قبالتي
أزح عن وجه ليلك
اللثام !



- 17 -


يا لهدوء هاته الليلة
بعد رحيل
القصف.



- 18 -


قل للآخرين في الضفة المقابلة
كم نختلف !
كم نتشابه !



- 19 -


كل الأماكن شاغرة
تحت
مظلتي الحزينة.



- 20 -


يا لكرم الأصدقاء
يرموننا
بزهور من حجر !




-----------------------------------------------------------------------------
شاعرة من المغرب


الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

يحدث بالليل


Mon amie de la nuit


شعر : ابراهيم قازو




- 1 -

الليل..
غابة من المجازات
و الحطابون ناموا
عند أول شجرة !


- 2 -

صمت عميق
.................
فقط
حفيف أحلام 
و أنا هنا..
أنتظر آخر باص
يحمل أفكارا تأخرت
عن موعدها !


- 3 -

يدي 
تتركني نائما
و تتسلل 
كي تجمع باقة أحلام
لأجدها تحت وسادتي
عند الصباح !


- 4 -

قبل أن أنام
أقرأ شعرا
فــتأتي أحلامي
قصائد تشبه
الصباح !


- 5 -

الليل..
بخار الأجساد
المتعبة !

------------------------------------------------------


الجمعة، 5 أكتوبر 2012

الريح



شعر : ابراهيم قازو


الريح ليست 
ما نظن بها
دائما

الريح
وجهة نظر 
فقط

الريح فكرة
تصدقها الأشجار
فتنحني

الريح يد
تمسح عن وجه الأرض
التعب

الريح
صديقتنا الحميمة
نمنحها أسرارنا
فتأخذها بعيدا
بعيدا

كأي عاشقة
الريح تفتح
قميص السماء
غيمة..غيمة

الرذاذ
وجه الماء
حين تبعثره
الريح

الريح
من وضع الوردة
في الأفق

الريح
آآآه
كنست فكرتي القديم

-------------------------------------------
- اللوحة للفنان الفرنسي بيير موريس       

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

التحولات الدرامية وجمالية الصورة في المجموعة الشعرية (قصائد في ألياف الماء) للشاعرة نجاة الزباير


 بقلم : نعمة السوداني *




قصائد في ألياف الماء مجموعة شعرية هي ليست الأولى ضمن مجموعات شعرية متعددة للأديبة والشاعرة المغربية -- نجاة الزباير-- صدرت من دار وليلي في مراكش المغرب , في هذه المجموعة التي تتناول فن القول بين العشق وعذوبته وبين هجرة الروح للمجهول و بين الانطلاق الى الأعالي والتحليق بحرية المفردة مع الاحتمالات القائمة على الاستعارة الغالبة في النصوص الشعرية وفي ممارسة لغوية متلونة تعبر عن -- مسميات -- لها وجود في الواقع , منبثقة من الواقع نفسه ومن صراعاته التي تنتمي اليه الشاعرة , وقسم اخر ليس له وجود يقع بين المألوف واللامألوف يتأثر بالتحولات الدرامية التي تعول عليه الشاعرة في إنتاج خزينها الشعري . 
إن طبيعة الإثارة في الفكرة والصور المتسلسلة في النص هي التي تثير الاهتمام والفضول في التتبع الى نهايات النص الواحد , حيث تجد تلك الخصوصية والترميز في هذه المجموعة الشعرية -- قصائد في ألياف الماء -- في بعض الاحيان الذي يجعل النص تجريدي واضح , بينما تنظر له من زاوية اخرى تجده ينهل وينبع من الواقعية المحملة بشاعرية كبيرة في جوانيات الشاعرة الزباير , والتأثير هذا واضح في صناعة الادوات واللغة التي تعتمد على حرفنة واضحة في طريقة الكتابة عبر فعاليات ذهنية وروحية تتطور مع تطور الحدث الدرامي في النص الواحد صور بها مؤهلات متفاعلة حتى تبلغ مستوى الذروة في الصورة الشعرية .
النص يولد نصا آخر ...
إن النص الشعري المكتنز عند الشاعرة -- نجاة الزباير-- يولد من رحم نص  آخر معتمدا على طبيعة العلاقات التي ترسمها في فضاءات النص من اشتقاقات للمفردة التي لها صلة بالموضوع وتعيدك الى أصل الكلمة أيضا . هي نصوص حية تولد من رحم واحد ثم تتناسل وتخصب .
نصوص فيها من الرهافة والحس والمشاعر وكأنها لوحات تشكيلية فيها من الرسم والتصوير مصاحبة الايقاع الذي يلازم كل صورة في آن واحد , حتى نستطيع ان نقول إنه -- شعر الصورة -- الذي يعتمد على المرئي على حساب المسموع غالبا لأن الشعر اليوم ما عاد للقلب إنما للآذان والعين 
,
لذلك نجد أنفسنا في لوحة فنية تحمل الشاعرية والفن التشكيلي على طول جسد قصائد المجموعة الشعرية وكأنك في معرض للفنون التشكيلية .


ماطرة ٌ
كانت تلتحف الجو العاشق
استرحتُ على بوابة خديها 
أتهجى أنشودة جرح فارغ ٍ.
قالت:
لهذيانكِ صلى الحلمُ وجرت أوديةُ الصبابةِ
فهلا قرأت سراويل المطرِ
تزحفُ اليك بدون قصد ٍ؟
قلت :
يتنفس الليل من بساتين التكوين
وتبعثر في مشاعل السؤال
حالات ترتجلني رجفة ً تضاجعُ هذا الهوى .


إن قدرة الشاعرة نجاة الزباير على صياغة تصوراتها للواقع والصراع الدرامي وما يحيط بها من أحداث تحاول أن تكتبه بسريالية خاصة بها ومن ثم نراه رمزا وتأويلا وإشارة كل بدلالته ,
وفي بعض الأحيان ونحن نتابع النص نجد الانتقال من الصورة إلى علامة واضحة ليبين لنا هذا الانتقال على طبيعة العمل بين : (الدال والمدلول) .
في هذه النصوص ترسم لنا الشاعرة بشكل فني محكم ( رسما بالشعر) وتضيف موسيقى خاصة من وعائها اللغوي , وهنا نجد التناسق الجميل في عملية الربط بين الموسيقى والشعر , ضمن العلاقة التي تمتد إلى مفهوم الشعر كمفردة شعرية غنائية بالإضافة إلى البناء الفني المعماري الذي تتمتع به في كتابة فن القصيدة الذي يعتمد على -- وحدة النص -- والقدرة على التعبير والبوح في آن واحد .
ونلاحظ هناك تأثيرا تشكيليا على نصوص هذه المجموعة الشعرية ضمنيا , وأنت تقرأ تشعر أنك أمام صور ناطقة تحاكيك مثلما نرى في بعض اللوحات الصامتة الكثير من الكلام والبوح , كما تحس ان النصوص تخاطب كل المنظومة الحسية . هناك علاقة خاصة بين النص والقارئ .
تتمتع الشاعرة نجاة الزباير بأسلوب خاص في صياغة واختيار أفكارها ومعانيها وهي تخاطب المرأة السومرية في خطاب موجه الى العراق شعبا لن يكسره الطاغوت :

كنت فوق أرض المتنبي
أركض في رمداء الشعر/ بدون جواد
تمددت بين الضفتين 
أستحضر الموصلي
ومعبد .. والرشيد
أرسم بوحي فراشات
حين انزلقت في جوفي
تخنق رئة بوحي 
تكدرت مسام حبري 
لكنها استوطنت هدري .

رأيتها تتجلبب ليلي 
تنثر شعرها عشتارا
وبين يديها خمر العامرية
قرأت آي الجرح
ومشيت فوق الماء
كيف لي أن أنام
وقد سافرت
لوطن يحاصره البكاء ؟

وهذا الأسلوب هو انفعالي يثير الموقف عند القاريء , بالإضافة الى طريقة أخرى لتقديم المعنى الخاص للنص وتفصيلاته الفنية , بطريقة حسية من خلال الرسم والتصوير , وبهذا هي تقدم لنا قدرتها على (( توظيف )) دلالة الكلمة في الصورة وهنا يلتقي المعنيين -- معنى الصورة -- و -- معنى الكلمة -- ليشكلا لوحة فنية جميلة .

وبامتياز رائع هنا نجدها صاحبة صنعة دقيقة جدا في الاعتماد على المخيلة والخيال في رسم صورها الشعرية لكونها هي الخالق الأصلي للنص ,النص الموجود في الحقيقة , أو النص الذي ليس له علاقة بالوجود , أو النص الذي سيخرج لاحقا بصور مختلفة حسب نبوءة الشاعرة ضمن تماسك واضح لطبيعة الشعر وأهميته .

إن طبيعة التوازن بين ما جاء في النصوص الشعرية في هذه المجموعة وبين اللوحات التشكيلية المتمثلة في الألوان والاستعارات وأشكال التعبير , تؤكد لنا على تأثر الشاعرة بأنواع مختلفة من الفنون التي تتعامل مع الألوان والظلال والأضواء , وفي نفس الوقت نجدها في هذا التعامل هي تكتب بانفعال عاطفي واضح , كما فعلت في أغلب نصوصها في توظيف(( الدلالات العاطفية )) التي تنبع من مصداقية جمالية لجوانياتها ودواخلها المعبأة بالحب للإنسان والوطن والحبيب، فنجدها تتأثر وتتفاعل بشكل واضح بما يجري من أحداث في مجتمعها العربي هنا او هناك ولأن كل احساس يصاحبه قلق يخرج لنا على شكل نص محمل بدلالة :

قرب بابي جندي ينتظر ركضها
نثرت فوق كفه عمرها
ثم أقبلت 
تنسج للصبح خطاه
كيف أحيا بلا وطن
وامشي بلا غد؟
ارتجف دمعها . 
تساقطتُ مِزَقا
كيف أواسيها
وقد عميت كل الدروب ؟

هذه النصوص تدلي بأفكار توحي لنا بأن هناك حدثا أو قصة حدثت سكنت في ذات الشاعر في تركيبه الذهني والشعوري، حتى باتت لنا نصوصا واعية فيها تحولات درامية تبحث في إشكالات الإنسان المعاصر في هذا الواقع . هي نصوص تحمل الصرخة معها، وتحمل الصوت الذي يحاول إبراز ملامح الشخصية التي تحيط بالشاعرة .
نصوص وجدانية ,, تحمل في طياتها لغة الفن التشكيلي وتكتبه على جسد القصيدة نابعة من خيال الشاعرة ووعيها حينما تعبر بكلمات صادقة منبعها الإلهام الذي يأتي على شكل موسيقى وصورة.

إن تأجيج العواطف واشتعال الحواس في جوانيات الشاعره يجعلها تلجأ الى أبجديات متعددة منها: العشق والحب والهيام والألم والغصة وهي تناجي المعشوق، وتعتبره نقطة ندية في حروفها الشعرية وهو نفس الحلم الذي يراودها منذ زمن للقائه مازال يتقد ويتسامى في مخيلتها سواء كان على مستوى الواقع او الخيال .
في هذه المجموعة الشعرية نجد التأمل ما وراء النص , لأن الشعر تلميح وترميز  ويخضع الى التأويل في رمزية الأشياء والبوح في المتن الشعري , الظل ,الشمس ,التراب ,الوجود, التاريخ , الماء , الحزن والبكاء , والوطن البعيد , العري , والعار كل هذه المفردات تشكل تحفيزا لذاكرة الشاعرة بين الذات والمجتمع , ولأن الشعر الجميل يستمد عذوبته من جميل الكلمات ومن فصيح التعبير.:


في قصيدة جندي ... قبعة ... ووطن 

كان طفلا يلملم من شفة الشمس بريقها
يتلو شعره قداسا
للحرب تزود .. قالت رئة الماء 
جمع أعضاءه وولى نحو الأرض
عاريا من ظله . 

صب له السومري كأسا من تراب .. بعثره السكر 
أصغى لخيول الخلفاء .. تمر فوق أنفاس العواصف
فاقتفى خطاه .

بعد ليلتين استفاق
كانت في حقيبته بقايا من الفرات وقبة الصخرة 
أجهشت بين يديه المساجد
انحنى .. صلى في جرح النهار
ثم مضى يلتحف جراحات كربلاء .

تستند الشاعرة نجاة الزباير في نصها الشعري على الإيمان الكامل في بناء الفقرة والجملة لاكتمال الصورة متمثلة في انتقاء المفردة و وتمحيصها ومن ثم تركيبها وجعلها صورة شعرية فنية متكاملة لتشكل بالنسبة لها وحدة كاملة في جمع وتركيب هذه العناصر ,وبالتالي نجد الاختزال والتكثيف بالمعنى، من خلال العناصر الداخلية التي تكون النص وبمعنى الاعتماد على الكلمة التي فيها موسيقى , ويعني لنا ذلك؛ الارتباط الوثيق بين الحروف والكلمات. و تثبت لنا بأن للحروف أنغام وهذه الأنغام ترتبط ببعضها البعض، فنسمع رنين القصيدة جميلا عبر الإيقاع الداخلي والوحدة اللغوية والتفاعل داخل النص الذي يعطي للنص لمعانا وبريقا، بالإضافة الى الدهشة والروعة ونحن نقرأ الصورة بالعين واللسان والآذان .
إن الإيقاع والتناغم يأتي من خلال عناصر التكوين التي تحدثنا عنها سابقا، الإيقاع الذي هو حاصل تحصيل العلاقات الداخلية للنص والدلالة التي هي ارتباط بالصياغة اللغوية لسلسلة من الحركات كما في هذه العلاقة :

غنج متبرجة

مرت بي وأنا أهم بالصلاة
في ألياف الماء ...
صحوتها قدح يكتبني
شهوة لفتنة الليل .
كان خصرها جدولا يستنفر الأحزان
وصدرها نخلة تسقط بين مدائن الوطن .
اتكأت على لغوها 
أتأمل خمرتها المنسابة من
وثنية الهوى .

(...)
أمسكت كفي مثل عرافة تجوب دم الحكايات
قالت :
ألا تضعين عنك حجب هذا الهوى؟
لفت اعناقها بقميص دمي
وأشاحت عني ضوءها .
قلت :
أسست في عينيه مملكة للنبض"
وكنت أمشي بلا خفين في يديه"
صرخت وكأني أهذي : 
" الم تكتفي بزلازله 
تتهدل بين أنفاس الهجر "

إن قصائد في ألياف الماء، جاءت كإدراك ما يكتب سريالية تستقر على دلالات الواقع لأن ذلك يعتمد كما أسلفت لنوع العلاقة بين الشعر والتشكيل كونها علاقة متجددة تعتمد على خزين الذاكرة , الصورية والتجارب الإنسانية . ضمن مناخ وبيئة الشاعرة لأنها ذات بعد واحد، وإن الاعتماد على رؤية فنية متطورة تذهب فينا بعيدا بالذات الشعرية وما تحمل من جمال ورؤيا خاصة للشاعرة .وبودي أن أقول شيئا إن أغلب النصوص الشعرية هي -- تناص -- من الحياة وتتم اعادة بنائها من جديد عن طريق الشاعرة والقارئ الكريم .على اعتبار النصوص التي أمامنا الآن في هذه المجموعة الشعرية تنطلق في فضاءات متحركة لا تمسكها تقليدية التنظير كي لا تتحول الى هيكل بلا روح .
الشاعرة نجاة الزباير شاعرة موهوبة تمتلك الحس النقدي في شعرها وحيوية التقدير العالي لذلك هي ترتقي بالنص وهذا هو ما نريده , والقارئ حينما يرتقي بالنص نجد له القدرة على تمييز النصوص التقليدية وآلياتها , لذلك نحن هنا أمام مجموعة شعرية نتلمس فيها روح النص الغير مكررة والتي تحمل من عمق وتأويل ومتخيل، تساهم فيها منظومة جبارة هي الشاعرة والقارئ والناقد .
قصائد في ألياف الماء مجموعة شعرية تتمتع بخصائص جميلة فنية وهي تحاول استكشاف خبايا النفس البشرية في رؤية متعددة لتضيف ذائقة جمالية من خلال العلاقة الممتدة مابين النص والقارئ وكيفية التأثير والتأثر بينهما ,..

الطرقة الرابعة من نص غاضبة :
كان بين ليلها منديل تنزف خرائطه
مشت فيه بلا دليل 
فجأة سمعت صراخها ... 
كأن بها هذيانا .. يشنق كل الجهات .

وهذا النص يتكون من سبع طرقات غاضبة لروح تاهت في عالم الحب والجنون والاحتضار, عالم يلتحف بالصمت تارة والعواصف تارة اخرى , فقصص الحب المشوشة وجروح الايام , والمطر الذي يغسل كل الخطايا , فلا ينفع دمع ولا لهفة للحبيب لأن الحلم بعيد وليس قريب المنال .

هي دعوة أيضا صريحة لقراءة هذه الشاعرة الجميلة المبدعة التي أنتجت مجاميع شعرية متعددة منها :

لجسده رائحة الموتى 
فاتن الليل
رسائل ضوء وماء
أقبض قدم الريح

مجموعات شعرية تؤسس جسرا يتم العبور عليه إلى الضفة الأخرى من خلال نصوص شعرية نجدها كبستان زهور مليء بالألوان والروائح العطرة , تساهم في فهم دواعي الرؤيا التي تكتمل في النص عن القراءة وتضيف تجليات روحية لكل نص على حده . شاعرة نجد سلطتها الفنية على جمالية الشعر والصورة والإيقاع محكمة تمتعنا في رغبة القراءة لأنها تخاطب فينا الروح الإنسانية والعقل.


------------------------------------------------------
* كاتب و ناقد عراقي يقيم بهولندا